سورة يونس - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


الشأن: الأمر، والحال، والمنزل. تفيضون فيه: تتوسعون في الحديث. وما يعزب: ما يغيب. مثقال ذرة: قدر نملة صغيرة أو ما يرى في الغبار. الكتاب: اللوح المحفوظ البشرى: الخبر السار، البشارة.
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}.
وما تكونُ أيّها الرسولُ في أمرٍ من أمورِك، وما تقرأُ عليهِم من قرآنٍ أو تعمَلُ أنتَ وأمّتك من عملٍ الا ونحنُ شهودٌ عليه حين تخوضُون فيه.
{وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولاا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
ولا يغيبُ عن علمٍ ربك شيءٌ ولو كانَ في وزْنِ الذرَّة في الأرضِ ولا في السماء، ولا أصغُر من ذلك ولا أكبر منه، إلاّ وهو معلومٌ في كتابٍ عظيم الشأن.
قراءات:
قرأ الكسائي: {يعزِب} بكسر الزاي. والباقون {يعزُب} بضم الزاي. وقرأ حمزة وخلف ويعقوب {ولا أصغُر من ذلك ولا اكبر} بالرفع، والباقون بفتح الراء.
بعد أن بيّن اللهُ تعالى لعبادِه سعةَ عِلمه وقدرتَهُ مراقبته لعباده، ذكر هنا حال الشاكرين المتقين الذين لهم حُسْنُ الجزاءِ يومَ القيامة.
{ألاا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
إن أولياءَ الله الّذين يُخِلصون له بالعباة ويتوكَلون عليه لا خوفٌ عليهم في الدُّنيا والآخرة، وهم لا يحزَنون على ما فاتَهم من عَرَض الدنيا لأن لهم عندَ الله ما هو أعظمُ من ذلك.
{الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}.
وأولياءُ الله هؤلاء هم الذين صدَّقوا بكل ما جاءَ من عند الله، واتقوا الله حق تقاته.
{لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة}.
كذلك فان البشرى لهؤلاء الاولياء بالخير في الدنيا بما وعدَهم اللهُ من نصرٍ وعز، وفي الآخرة بتحقيق وعده بعظيم الجزاء.
{لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذلك هُوَ الفوز العظيم}.
لا تغييرَ ولا خُلف في مواعيد ربِّهم، وهذا هو الفوز العظيم.


العزة: الغلبة والقوة. يخرصون: يحزرون ويقولون بلا علم. والنهار مبصرا: يعين تبصرون فيه. من سلطان: من حجة أو برهان.
{وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ}.
لا تحزنْ أيها الرسول لما يقوله المشركون من سُخرية وطعنٍ وتكذيب.
{إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السميع العليم}.
ولا تظنَّ يا محمد أن حالَهم ستدوم، بل ان العزَّة كلَّها لله، والنصرُ بيدِه، وسسينصُرك عليهم، وهو السميعُ لما يقول من تكذيب الحق، كما يعلم بما يفعلون وما يُضمرون، وسيجازيهم على ذلك.
{ألاا إِنَّ للَّهِ مَن فِي السماوات وَمَنْ فِي الأرض}.
اعملوا أيها الناس أن الله وحدَه يخضع كلُّ من في السماوات والأرض، فهو الخالِق وهو المالِك وهو المدبّر.
ثم بين الله انه لا شريك له ابدا فقال: {وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}.
إنه هؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله، لا يتّبعون شركاءَ له في الحقيقة، بل أوهاماً باطِلة. وليسوا في ذلك إلا واهمين، يخمِّنُون ويحْدِسون بلا عِلم ولا يقين.
بعدما نبَّه الله تعالى على انفرادٍه بالقدرة الكاملة، ووجَّه الأنظارَ إلى بعض مجالي تلك القدرة في المشاهدة الكونية، قال: {هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}.
إن الله تعالى هو الذي خلَق لكم الليلَ لتستَريحوا فيه من عناءِ العملِ والسعي في النهار، كما خلَق لكم النهارَ مضيئاً لستعَوا فيه إلى مصالِحكم، وفي تعاقب الليل والنهار دلائل بينة لقومٍ يسمعون ويتدبرون.
ثم شرع في تفنيد نوع آخر من أباطيلهم فقال: {قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الغني لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض}.
وقال المشركون: لقد اتخذَ الله ولداً، إن الله منزّه عن ذلك، فهو غني عن اتخاذ الولد، لأن الولد مظهر الحاجة إلى البقاء، والله باقٍ خالد.
{إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بهاذآ}.
ليس لديكم من البراهين ما يؤيّد صحةَ ما تقولون وتفترون.
{أَتقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.
لماذا تختلقون على اللهِ أمراً لا اساسَ له من الحقيقة.
{قُلْ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ}.
قل لهم ايها الرسول: إن الذين يكذِبون على الله، ويزعمون ان له ولداً لن يُفلحوا ابدا.
{مَتَاعٌ فِي الدنيا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العذاب الشديد بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ}.
سيكون لهم متاع قليل في الدنيا ثم إلَينا مرجعُهم فنحاسبُهم نُذيقهم العذابَ الشديد بسبب كفرهم.


النبأ: الخبر له خطر وشأن. فاجمعوا امركم: اعزموا عليه من غير تردد. الغمة: ضيق الأمر الذي يوجب الحزن. خلائف: يخلفون من مضى.
يذكر الله تعالى هنا الأمَم السالفةَ وأخبارَهم مع رسُولهم، وكيف كذّبوهم وعاندوهم، وفي ذلك تسليةٌ للرسول الكريم، وبيانٌ له بأن قومه لم يكونوا بِدْعا في عنادهم، بل سبقهم في مثلِ فعلهم كثيرٌ من الأمم قبلهم. لكن العاقبة كانت على الدوام ان يفوز الرسلُ المؤمنون.
{واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يا قوم إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ الله فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ}.
اقرأ يا محمد على المشركين، قصةَ نوحٍ أحسّ كراهيةَ قومه وعداءَهم لرسالته، فقال لهم: يا قومي، إن كان وجودي فيكم لتبليغ الرسالةِ أصبحَ ثقيلاً عليكم، فإنّي مثابرٌ على دعوتي، متوكلٌ على الله في أمري.
{فأجمعوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ}.
فأعِدُّوا أمرَكم واعزموا على ما تُقْدِمون عليه في أمري انتم وشركاءكم الذي تبعدونهم. لا تدعوا في عِدائكم لي أَيّ خفاء، ولا تُمهلوني فيما تُريدون لي من سوء ان كنتم تقدرون على ذلك.
قراءات:
قرأ نافع: {فاجمعوا} بوصل الهمزة وفتح الميم. والباقون: {فأجمعوا} بالهمزة وكسر الميم. وقرأ يعقوب: {وشركاؤكم} بالرفع، والباقون {وشركاءكم} بالنصب.
{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين}.
فإن اعرضتُم عن دَعوتي، لم يضرّني ذلك، لأني ما سألتُكم أن تدفعوا لي أجراً على ما دعوتكم اليه، بل إن ثوابي على الله وحده، وهو يؤتيني إياه، وقد أمرين أن أُسْلِمَ اليه جميع أمري.
{فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفلك وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين}.
ومع كل هذه الجهود التي بذلها من اجل هدايتهم، فقد أصرّوا على تكذيبه، فنجاه الله ومن معه من المؤمنين في السفينة، وجعلهم خلفاء في الأرض، وأغرق الكافرين بالطوفان.
فانظر أيها الرسول كيف كانت عاقبةُ هؤلاء المكذبين لرسولهم: نجّى الله نوحا والذين آمنوا معه واستخلفهم في الأرض على قلّتهم، اغرق المكذبين وهزمهم على كثرتهم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9